هل صومُنا هو ممارسة دينيّة سطحيّة روتينيّة؟
أم هو حالة قلب تائب، عارف بمعاصيه، وطالب المغفرة، ومتّكل على المخلّص؟
لا يمكن لتربة فاسدة أن تُنبت شجرة جيدة!
وهكذا، فإنّ الإنسانَ الخاطئ الفاسد لا يقدر أن يُنبتَ عملًا صالحًا خيرًا ومقبولا.
نحن نمارس تديّننا أملًا بحلٍّ لشرورنا، وطمعًا براحةٍ لضميرنا، ولكن، هل حقًّا يرتاح الضمير، دون أيّ معالجة حقيقيّة، لسبب المشكلة وقلب جذورها!
إنّ صومنا لا يجبر الله على تحقيق دعوانا، فهو العارف العليم الفاحص عمق دواخلنا وطرقنا.
أحقًّا نظنّ بإنّ امتناعنا عن الطعام لبرهة، هو كاف وكفيل بأن يكفّر ويمحو إهاناتنا للعليّ وتمرّدنا على الخالق القدير وتعدّياتنا على الوصايا الطاهرة وشرورنا في وجهه القدّوس؟ يا لسخرية هذا التفكير البشريّ!
إنّ الصوم الحقيقيّ يعكس صرخة قلب إنسان: لا شيء يشبعه على الأرض، إلّا رضى سبحانه وحده.
يَقُولُونَ: لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ، ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟ هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً، وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. أَمِثْلُ هذَا يَكُونُ صَوْمٌ أَخْتَارُهُ؟ أَلَيْسَ هذَا صَوْمًا أَخْتَارُهُ: حَلَّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكَّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاَقَ الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْعَ كُلِّ نِيرٍ.
صومنا يكشف حقيقتنا، فلا حول ولا قوة ولا عون لنا إلّا بنعمة ربّنا في كلّ مراحل حياتنا.
نصلّي ونصوم كما فعل أنبياءُ الله قديمًا، لِكَيْ نَتَذَلَّلَ أَمَامَ إِلهِنَا لِنَطْلُبَ مِنْهُ طَرِيقًا مُسْتَقِيمَةً لَنَا وَلأَطْفَالِنَا وَلِكُلِّ مَالِنَا.
إنّ صومَنا يعلن عجزَنا، إنّه صرخة نجدة تستغيث بأملِها الوحيد: فلا حاجة لنا إلّا للطف سبحانه علينا.