«وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.
هل حقًّا أعمال تقوانا هي مَن تربحنا الخلاص؟ هذا تفكير شيطانيّ، إذ إنّه يضرب عمقَ عملِ الله سبحانه، فهل الإنسان هو مَن يخلّص نفسه بنفسه؟ أم أنّ الله وحده هو المخلّص!؟
يا ربّ، رحمتك أفضل من الحياة، فنحن متمرّدون، عصاة، فاسدون، خطأة منك المغفرة يا غفور وبك الخلاص يا مخلّص البشر. ارحمنا يا رب!
في صومنا، تتحوّل أنظارُنا من الأمور المادّيّة، إلى الله بارئنا. وفي صومنا، نسمو عن باطل الأرضيّات، ونطلُب بقاءَ السماويّات.
اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.
أنحتال كي نصوم لوقت أقصر؟ أنكذب كي نأكل خُفية؟ أحقًّا نظنّ بأنّنا نخفي الحقيقة عن العالِم بكلّ خفي! أنخفي رأسنا في الرمال كالنّعامة! على مَن نضحك!
عجيب حالنا، عجيب كيف نحوّلُ صومَنا من تعبير منكسر لتوبتنا إلى افتخار متكبّر بتقوانا! كم نحن خطأة والفساد يلُفّ كلّ أفعالنا
معنى سام لصوم عبد، فيه نطلب وجه سبحانه، وفيه نرتجي معرفة رأيه ومشيئته، هذا معنًى سامٍ لصوم هادف.
وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ، لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.
لا صومٌ مقبول بدون صلاة ودعاء، فشرارة التوقف عن الأكل هي التضرُّعات والطلَبات والمناجاة والصرَخات، من قلبنا إلى قلب سبحانه.