درية شفيق

نشأتها:
ولدت درية شفيق في محافظة طنطا بجمهورية مصر العربية في 14 ديسمبر 1908، والدها كان يعمل موظفًا حكوميًا وكان كثير السفر مما اضطرها مع أمها للتنقل كثيرًا في مدن مصر، بعد أن انهت دراستها الابتدائية في إحدى المدارس الفرنسية في الإسكندرية، أكملت دراستها بالمنزل، ثم سافرت لدراسة الفلسفة في جامعة السوربون التي حصلت منها على الدكتوراه.

درية الرائدة:
بعد عودتها من فرنسا، وبالتحديد في عام 1935 حصلت على المركز الثاني في مسابقة لاختيار ملكة جمال مصر كأول فتاة مصرية مسلمة تفوز بالجائزة.
وأكملت شفيق مسيرتها كرائدة في عدة مجالات، فقد أصدرت أول جريدة نسائية ناطقة بالعربية لتثقيف المرأة باسم "بنت النيل"، وفي عام 1951 قادت مظاهرة نسائية واقتحمت مجلس النواب "البرلمان"، تلك الفعلة التي على أثرها أصبح للمرأة مكانة في مجلس النواب المصري بعدها.
كانت درية رائدة في تكوين أول فريق نسائي – البعض أسماه جيش نسائي – مُدرب على القتال والتمريض في حالة الحرب، في عام 1952 أسست درية أول حزب سياسي نسائي باسم "بنات النيل"، قامت أيضًا بإنشاء أول مكتب لتوظيف النساء في الخمسينيات.

نهاية محزنة:
بعد كل هذا النجاح والشهرة وبعد عدة صراعات سياسية، وجدت الرائدة في عدة مجالات درية شفيق نفسها وحيدة، دون خل ولا صديق، معزولة في إقامة جبرية بمنزلها، وبعد عدة سنوات من الوحدة والعزلة والاكتئاب الحاد، ألقت درية بنفسها من شرفة منزلها بالطابق السادس، فماتت في سبتمبر 1975 فخسرت أغلى ما يمكن أن يحصل عليه الإنسان بعد العالم .
عزيزي القاريء قد تتسم حياتنا بالمشغولية الشديدة، وقد نتفوق في عملنا ونُحسب من الرواد، ولكن بالرغم من كل ذلك قد نسمع تلك الصرخة الصادرة من أعماقنا التي تكشف لنا أن شيئًا ما بداخلنا يئن من الوحدة، فنكون قد ربحنا العالم وخسرنا أنفسنا، ترى أيهما أثمن العالم أم أنفسنا؟ "هذا ما أثاره السؤال الاستنكاري الذي طرحه المسيح عيسى حين قال "ماذا ينتفعُ الإنسان لو رَبحَ العالم كُلَّهَ وخسِرَ نفسهُ؟" فلا المشغولية ولا الاهتمام الشديد بالأعمال ولا إحراز التقدم من الممكن أن يوجدوا المعنى في حياتنا.