الأعداد بالمئات والضّحايا بالآلاف: الطّبّ العشـــوائيّ... يزحـــف

بعضهم يحمل حقيبة متجوّلا عارضًا خدمات طبّيّة، وآخرون فتحوا مكاتب تُقدّم مهامّ طبيب الأسنان، وغيرهم وضع لافتة «مداواة بالأعشاب» مُدّعيًا طِبًّا ولم تطأ قدمه يومًا الكلّيّة.
"الشروق" حاولت فتح ملف «التّطبيب» وادّعاء الحصول على شهادات طبّيّة للتّحَيُّل وإيهام المرضى بتقديم العلاج، تَحَيُّل يُتاجر بصحّة التّونسيّين ويدخل في منافسة غير شريفة مع من أفنى عمره في الجامعات في دراسة العلوم.
أثارت تصريحات الكاتب العامّ لهيئة أطبّاء الأسنان الرأيَ العامّ بعد أن أشار إلى أنّ حوالي 400 شخص يمارسون مهنة الطبّ في تونس عشوائيًّا، من بينهم إطارات شبه طبّيّة وآخرون لم يدرسوا الطّبّ أبدًا.
وبيَّن أنّ المتحيّلين ومُدّعي الطّبّ من التّونسيين ومن الحاملين لجنسيّات سوريّة، إضافة لإطارات شبه طبّيّة في مجال تركيب الأسنان، ليس من حقّها قانونيًّا ممارسة مهنة الطّبّ.
ظاهرة خطيرة
"بعضهم يحمل حقيبة ويتجوّل في الأحياء الشّعبيّة يدّعون الطّبّ. وهناك من قام بتركيب أسنان لمرضى وهم يحملون شهادة في صناعة الأسنان لا طبّ الأسنان، وهو ما تسبّب في كوارث صحّيّة للمرضى فمنهم من كاد يفقد اسنانه مع أمراض في اللّثّة، وهم معرّضون لأمراض بين الالتهابات والسّرطانات.. لقد كثُر المدّعون للطّبّ وهي مسألة خطيرة يجب إيقافها." هذا ما صرّح به نائب رئيس النّقابة التّونسيّة لأطبّاء الأسنان الممارسين بصفة حرّة الّذي اعتبر أنّه يمكن بالفعل تقدير عدد مدّعي الطّبّ في اختصاصه بحوالي 400 طبيب باحتساب وجود حالة على الأقل في كلّ منطقة بلديّة ومع كثرة التشكيات، مؤكّدًا كلام زميله.
وأضاف أنّه وفي عيادته الخاصّة التقى بمرضى من ضحايا عمليات «التطبّب» ممّن توجّهوا إلى صانعي أسنان و"البروتاز" واختصاصات شبه طبّيّة وفنّيّين قاموا بتركيب الأسنان وخدمات من المفروض أن لا يقدّمها غير الطّبيب المختصّ، وهو ما يمسّ من نوعيّة الخدمة الطّبّيّة ويضرّ بالقطاع.
ويصاب الضّحايا بالتهابات في اللّثّة وأمراض ومنهم من كاد يفقد أسنانه. وهم معرّضون للإصابة بأمراض خطيرة بين التهابات وسرطان، فجراثيم الفمّ تصل كلّ الجسم.
وأكّد انتشار «متطبّبين» من حاملي الجنسيّة السّوريّة وأغلبيّة من التّونسيّين، ويقوم هؤلاء بإغراء المرضى بتقديم تعريفة منخفضة. ورغم أنّ مهنة طبيب الأسنان خطيرة، فالضّحايا موجودون.
كما بيّن أنّ أطبّاء الأسنان يعانون من الدّخلاء ومن إشكاليّة منافسة أصحاب الشّهادات المعادلة. ويوجد حوالي 800 طبيب أسنان عاطل عن العمل. وما بين 40 و50 عيادة طبّ أسنان تغلق سنويًا.
وقال :" لقد تقدمنا بمجموعة من الشكايات وبينا الخطر من الدخلاء لكن التطبيق غير موجود" مبيّنًا أنّ عقوبة التّطبيب تصل إلى 5 سنوات سجنًا، لكنّ هناك من لا يتقدّم بشكاية، والظّاهرة موجودة وفي حاجة لعناية من الأمن.

المرجع: الشّروق