مي زيادة

"الحب والالم"
اسمها الحقيقي" ماري زيادة" وُلدت في النّاصرة وهي الابنة الوحيدة لأب لبناني وأم فلسطينية. تلقّت دراستها الابتدائيّة في النّاصرة والثانويّة في عينطورة بلبنان. انتقلت مع أسرتها عام 1907 للإقامة في القاهرة ودرست في كليّة الآداب، وأتقنت اللّغة الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والألمانية. عملت بتدريس اللّغتين الفرنسية والإنجليزية، ثم التحقت بجامعة القاهرة لدراسة الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة.

من أشهر أعمالها
نُشرت لها مقالات أدبيّة ونقديّة واجتماعيّة منذ صباها في أشهر الصّحف والمجلّات المصريّة فلفتت الأنظار إليها. كان أوّل كتاب ألّفته باسم مستعار "ايزيس كوبيا" وهو مجموعة من الأشعار باللّغة الفرنسيّة، ثم أضافت مؤلّفات أخرى هي: "باحثة البادية"، "كلمات وإرشادات"، "ظلمات وأشعة"، "سوانح فتاة"، "بين المد والجزر"، "الصحائف والرسائل"، "وردة اليازجي"، "عائشة تيمور"، "الحب في العذاب"، "رجوع الموجة"، "ابتسامات ودموع"، وغذّت المكتبة العربيّة بمجموعة من الكتب المُمتعة. كانت تعقد مجلسًا أدبيًّا كلّ ثلاثاء من كلّ أسبوع.

محطّات في حياة مي زيادة
رغم كثرة معجبيها وعُشّاقها، ظلّ قلبها مأخوذًا بجبران خليل جبران وحده طوال حياتها، ورغم أنّهما لم يلتقيا ولا مرّة واحدة، دامت المُراسلات بينهما لعشرين عامًا منذ 1911 وحتّى وفاة جبران في نيويورك عام 1931، واتّخذت مراسلاتهما صيغة غراميّة عنيفة، فهو الوحيد الّذي بادلته حبًّا بِحُبٍّ، وإن كان حُبًّا روحيًّا خالصًا وعفيفًا. وهكذا ظلّت عذراء لم تتزوّج به أو بغيره!

نهاية الرحلة بين معاناة وألم
عانت الكثير بعد وفاة والدها عام 1929 ووالدتها عام 1932، وقضت بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسيّة، وذلك بعد وفاة الشّاعر جبران خليل جبران، فأرسلها أصدقاؤها إلى لبنان، حيث يسكن ذووها، فأساؤوا إليها وأدخلوها «مستشفى للأمراض العقلية» وحجروا عليها، فاحتجّت الصّحف اللّبنانية وبعض الكتّاب والصّحفيّين، على السّلوك السّيّء لأقاربها، فنُقلت إلى مستشفى خاص في بيروت، ثم خرجت إلى بيت مُسْتَأْجّر حتّى عادت لها عافيتها، وأقامت عند الأديب أمين الرّيحاني عدة أشهر، ثم عادت إلى مصر.

وحيدة حتى الممات
عانت "مي زيادة" آلام الوحدة، بعد الفراغ القاتل الّذي تركه لها من كانوا السّند الحقيقيّ لها في الدّنيا. حاولت مداواة آلام الفقد لكلّ أحبابها دفعة واحدة، فسافرت الى العديد من الدول الأوروبية، ثم عادت إلى مصر حيث استسلمت لأحزانها، لتعلن استسلامها ودخولها في حالة نفسيّة صعبة، إلى أن تُوفيت في مستشفى المعادي بالقاهرة وهي في الخامسة والخمسين من عمرها.
ماتت الأديبة "مى زيادة" عام 1941، ولم يمش وراءها سوى ثلاثة من الأصدقاء رغم شهرتها ومعارفها وأصدقائها الّذين هم بغير حصر! بل وإنّ من أحبّته وعاشت تترجّى وتتمنّى رؤياه "جبران خليل جبران" قال مقولته الشهيرة: "البعض نحبّهم لكن لا نقترب منهم، فهم في البُعد أحلى وهم في البُعد أرقى وهم في البُعد أغلى"
هكذا نحافظ على وجود مسافات بيننا وبين من نحبّهم، حتى تبقى لنا منهم صورة عطرة السّيرة، فعند الاقتراب تنكشف حقيقة الإنسان!
لكن هناك من أتى لعالمنا ليقترب من الإنسان رغم بشاعته! يقترب منه رغم انحطاط قَدرِهِ! اقترب من الإنسان ليَبذّل قبحه إلى جمال ويشتريه ليس بأشياء تفنى بل بدمه الكريم. إنه "عيسى المسيح كلمة الله الأزلي" الّذي لم يقترب من الإنسان فحسب، بل بذل حياته حبًّا ليفتدي حياته من الهلاك، ويحتمل عنه عقاب معصيته، كي يحضره أمام الله بلا لوم ولا عيب! فهل من حبٍّ آخر أعظم من هذا!!!