وفاة مراهقة تفجّر قضيّة "ختان الإناث" في مصر

يُعتبر ختان الإناث قضية محوريَّة في مصر تثور لها كلَّ فترةٍ منظَّمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، غير أنَّ ضحاياه لا زالوا يتساقطون وآخرهم وفاة مراهقة من محافظة السُّويس.
"ميار محمد موسى" البالغة من العمر 17 عاما، توفيت الأحد الماضي، عقب عمليَّة ختان بمستشفى خاص أدى إلى إصابتها بنزيفٍ حادٍّ، تبعه هبوط في الدَّورة الدَّمويَّة.
ولم تمضِ ساعات على خروج الفتاة من المستشفى لِتَلْقى مصرعها، والمؤسف أنَّ والدة المراهقة هي مَنْ أرسلَتْها لنصيبها فيما لَمْ تحاوِل اللُّجوء للشُّرطة بل حاولت التَّستُّر على فعلتها بالاشتراك مع المستشفى الذي أنكر إجراء أيِّ عمليَّة ختان.
وكشف مفتِّش وزارة الصِّحَّة بالسُّويس الواقعة بعد شكوكٍ في سبب موت ميار نتيجة التهاباتٍ حادَّةٍ بجانب الجهاز التَّناسليِّ، وبعد اطِّلاعه على جثَّة الفتاة وجدها وفاةً نتيجة ختان.
ونقلت صحيفة "الوفد" المصريَّة عن مصادر قضائيَّة في مدينة السويس، الثلاثاء 31 مايو/أيار، قولَهُم إنَّ النيابة العامَّة أمرت بالقبض على الطَّبيبة التي أجرَتِ العمليَّة فيما تمَّ إغلاق المستشفى الخاص.
وأكَّدت مصادر طبيَّةً أن الطَّبيبة أجرت في نفس اليوم عمليَّةً مماثلةً لشقيقة الضَّحيَّة التَّوأم، لكن الأخيرة تتعافى حاليًّا. والضحيَّة وشقيقتها طالبتان في المرحلة الثانويَّة.
في غضون ذلك، قال لطفي عبد السميع، وكيل وزارة الصِّحَّة بالسُّويس، إن مستشفى السُّويس الَّذي تمَّ إغلاقه بعد وفاة ميار كان قد صدر قرار قبل الواقعة بأسبوعين بإغلاقه ولكن لم ينفَّذ هذا القرار.

وأضاف خلال مداخلة على تلفزيون "دريم" المصري، أنَّ اللواء أحمد الهياتمي، محافظ السويس، أصدر قرارًا بإغلاق المستشفى، وأمر بإعداد تقرير عن المرضى الموجودين بداخله وتوزيعهم على مستشفيات المحافظة.
وتعيش الفتاة حالة من الرعب والفزع خلال إجراء عمليَّة الختان لها، حيث تحدث لها حالة نفسيَّة تسمى عصام ما بعد الصدمة، وتدخل في حالة بكاء باستمرار، واضطراب في الكلام، وكوابيس، وعرق شديد، وتظلُّ هذه الحادثة مرتبطة بها طول العمر مع أي مشكلة أو حادثة تمرُّ بها، حسب وصف أستاذ الطِّب النَّفسي جمال فرويز.

ونقلت صحيفة "الفجر" المصريَّة عن الطَّبيب قوله إن: "الفتاة تكتم داخلها كمية كبيرة من الأمر قد يصل إلى تبوُّل لا إرادي، وتكون الفتاة هزيلة، والأمر يؤثر على تعاملها مع الدوائر المحيطة بها، فتكون انطوائيَّةً مع أصدقائها وعائلتها، ولا تفضل العلاقات المباشرة، بسبب فقد جزء من الثقة بالنفس".
قانون غير مفعل
ويوجد أكثر من مادة في القانون المصري تجرِّم العنف ضد المرأة بشكل عام، وختان الإناث بشكل خاص وظاهر، ولكن البعض يلجأ إلى إجراء هذه العادات التي يعتبرونها ترجع إلى نصوص دينية أو عادات متوارثة.
فالمادة 240 من قانون العقوبات، تؤكد أنَّ الختان جريمة جنائية تعاقب بالسجن من 3 سنوات إلى 5 سنوات، إذا نشأ عن الجرح قطع أو انفصال عضو أو فقد منفعته أو نشأ عنه عاهة مستديمة، فإذا كان هذا الجرح صادرًا عن سبق إصرار أو ترصُّد تكون عقوبته عقوبة الجناية بالسجن المشدَّد من 3 سنوات إلى 10 سنين. وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا نشأ عن الفعل وفاة المجني عليه أو عليها.
وفي سياقٍ متَّصل، أطلقت منظَّمة الصِّحَّة العالميَّة ولجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة مع الأمم الإفريقية والآسيوية دعوةً لوقف عادة الختان للفتيات بشكلٍ عامٍّ، فمنظمة الصِّحَّة العالميَّة ترى أنَّ الختان هو إحدى العادات العنيفة الَّتي تُمارَسُ ضدَّ الفتاة وتتسبَّبُ في مشكلات على مدار حياتها.
وهناك بعض الثقافات والعادات الدِّينيَّة، التي تَعتبِر أنَّ ممارسة الختان أحد حقوقها، ويعتبر مؤيدو الختان أنَّه مشابه لعمليات التجميل وعمليات تكبير الثَّديين التي تُمارَسُ في الغرب.

قضية الختان تتصدر الصحف العالمية
وأثارتِ القضيَّةُ اهتمام وسائل الإعلام الغربيَّة، حيث نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية، الثلاثاء، تقريرًا عن ميار محمد موسى ذكرت فيه أنَّه على الرَّغم من صدور القوانين المجرِّمة لعمليَّة الختان في مصر، إلا أنَّ تلك العمليَّة ما زالتْ منتشرة على صعيدٍ واسع، خاصَّةً في الأماكن الرِّيفيَّة، وأنَّ تلك عادةٌ قديمةٌ يمارسها المصريُّون المسلمون، كما يمارسها بعضٌ من الأقباط.
وأشارت الصحيفة إلى أول حكم ضد طبيب بسبب عمليَّة الختان في العام الماضي، حيث حكم على الطَّبيب بعامَيْن مع الشُّغْلِ وغرامة 500 جنيه، بينما حكم على والد الطِّفلة بثلاثة شهور مع إيقاف التَّنفيذ.
وأضافت الصحيفة أن 200 مليون امرأة وفتاة حول العالم يتعرَّضنَ لعمليَّة الختان، ولكنها أكثر انتشارًا في مصر، وليبيا، وبوركينا فاسو، وكينيا، بحسب ما ذكرته كلوديا كابا، عضو وكالة الأطفال التَّابعة للأمم المتحدة.
المصدر: https://arabic.rt.com/news